عــــــــــــابر سبيل.... بقلم الشاعره:: آمــــــــال بوحرب


عابر سبيل 

—————-                                    

عند مدخل القرية، كان رجل حكيم يستريح بالقرب من البئر الذي طالما قصدها مع والده الحاج مختار عندما كان صبيا يتعلم كيف يردُ الماء ،كان يسرع الخطى ليصل قبل والده الى البيت ليسمع من والدته الحكايات الكثار التي تحكى في مسامير القرية طالما كانت أمه تشد من همته فتقول "أصبحت رجلا" ولكن طالما اختبأ وراء يأسه عندما يرى الدلو قد انتصف فأين ذهب الماء ؟

يصل رجل غريب تعرف من نظرته الحيرة والاسئلة الكثيرة عن أهل الدار يريد الاستقرار في القرية يسأل الرجل العجوز:

"أخبرني كيف يبدو الناس في قريتكم ؟ أحب أن أستقر هنا لقد غادرت قريتي البعيدة حيث الناس متعبون سئمت رؤية نفس الوجوه وإعادة نفس الأحاديث عن عملي السائق كحارس عمارة وعن المرض الذي أصابني أتعبتني أصواتهم .

يجيب الحكيم :"الناس هنا متشابهون "ولم يطل في الحديث ويمضي الغريب في طريقه ثم يصل الى مقهى صغير وكراسي بالية تحكي قصص من ارتاد هذا المكان دون عنوان ،يقول لشيخ رمقه بنظرة خاطفة كان على كرسي على مقربة منه استبد به السؤال ذاته ،

"كيف حال الناس في قريتك؟  

أريد أن استقر هنا بينكم ؟ 

يعاجله مدرس القرية الذي بجانب الشيخ الطاعن بالسن بسؤال مربك غير متوقعٍ

– ماذا قالت لك عيون الذين التقيت بهم بين ازقة هذه القرية الصغيرة المتروكة بين أيادي الزمن ،،؟

- لقد وجدت ُصعوبة في معرفة حالهم 

- الناس هنا أرهقتهم الحياة فلا يدركون حتى عمق الأخاديد التي يبدو أن الزمن صنعها في تلك الوجوه الشاحبة 

كان حاضراً ونحن نتجاذب أطراف الحديث شاب في مقتبل العمر من ابناء القرية يبدو عليه الاتزان والهدوء 

قال للرجل الغريب : كيف لك ان تعرف عنا وهل تعرف طعم الحياة دون ان تتذوقها ؟

بسؤال عابر تريد أن تختصر َتجارب من مروا هنا 

سل الجدران الشاحبة تخبرك عن شباب غادروا القرية 

ولم يعودوا ..سل البيوت أين أهلها وذويها ؟

سل من تراه عابر سبيل عن أحوال الزرع والضرع ..

رفع فنجان القهوة ليتذوق طعمها وبمرارة يقول :

الناس هم الناس والأرض هي الأرض والغريب 

أنك لم تسأل عن أحوالهم وعن آلامهم .

حمل الغريب حقيبته التي جمع فيها ملابس قديمة 

وأغراض قليلة مليئة بذكريات الماضي و سلك طريقا آخر  

ليرى القرية من زاوية خلفية ،سمع أصواتا بأذنه  

وكأن البيوت تمزق صمتها فقالت مهلا أيها الغريب  

لا تراني بعيون منسية ؟


د/آمال بوحرب 

تونس 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الام //للشاعر مصطفى مزريب//

المرأة نصف الدنيا // الشاعر والكاتب مصطفى مزريب //

فقدان //بقلم ـ الأديب " الشاعر رضوان العصيوي

قصيدة من الزجل الروحي: بشائر النصر.** بقلم**الحسن العبد بن محمد الحياني

حنين المحب // الشاعر محمد الحسون

مالي أراكِ على كل الوجوه : بقلم الشاعر الذواق احمد احمد

الشاعر مصطفى مزريب //  بمناسبة ذكرى عيد الأم //

الاستاذ /مصطفى مزريب /لن تموت امتي

حوار مع العراف/// الشاعر /// السيد سعيد سالم

حكاية شعب /.بقلم… الشاعر خالد محمود البطراوي