قراءة نقدية للناقد عامر الفرحان لرواية الغضب والنضوج للكاتب التونسي بوراوي سعيدانة


 





قراءة في رواية..


الغضب والنضوج في رواية حفل تابين ثقافي


صدر عن دار البراق للنشر والتوزيع /المنستير/تونس/ 2012رواية حفل تأبين ثقافي للاديب التونسي المرحوم بوراوي سعيدانه وقد تزلج على نتوء الجليد الحاد وسط منعطفات مرتفعة تارة ومنخفضة قي اخرى محافظا على وتيرة التوجه الادبي الذي تفرد به عن غيره في النقد والتحليل متمردا على قواعد كتابة النصوص التي يسلكها الكتاب لإيصال رسائلهم للمتلقي ، وربما أراد خلق تجديدا في صناعة النصوص الأدبية بحثاً عن عالمه المفقود وسط تداعيات سياسية وادبية مرتبكة...


وانت تقرأ سطوره الاولى تشعر بحاجة الى التكرار في مسح خطوط تسلقه بسبب توظيف الخيال الواسع والاستعارة المشوقة والوصف ألمتاني في تناول المشكلة بشكل عام ومشكلته التي يستنشق بشكل خاص فلربما هو يتحسسها اكثر من اي شخص آخر سواء كان داعية أو كاتب أو سياسي لذا تجده يشك بكل من حوله فلم يترك مجالا لاحد وقد يكون الشيء الوحيد الذي يعاب عليه....


روايته كانت عبارة عن شباك صيد صغيرة المربعات فلم تترك الجزئيات البسيطة اوالكبيرة الا وتم اصطيادها ،من المواطن الفقير ،المحامي ،الاعلامي،الموظف،الطالب ،المدرس،المرأة والسلطة السياسية العليا في ادارة البلاد وهي معضلته الرئيسة في التناول ..


تناوله كان تثويراً وتنويراً وتحريضاً لافتا الانتباه الى التصحيح ورفض الذل والهوان والمسكنة ولو وقفنا عند العتبة الاولى من روايته(هذا نص لايقرأ الا بليل لاتضاء فيه شمعه وكل مايرد في هذا النص معوج والمستقيم فيه استثناء)هنا يتضح حجم الحذر ،الترقب ،الشؤوم ،التخفي والهزيمة بالوقت ذاته متوافقاً مع المثل الصيني القائل (العدل في المجتمع الاعوج اعوجاج) ويعطيك حجم الوجع والاسى الذي يدور في خلده وانت تغور في نفق ماتناوله و يتضح ذلك بشكل جلي دون غبار...


كان الكاتب عاطفيا متمرساً في صنعة الاحداث دخولا فن العنوان وانتهاءا في نصه الذي يبدو غريبا لاول وهلة فمرة هو كاتب ، واخرى سياسي-مثقف-مواطن عادي وينتهي زاهد مثالي بل يبحث عنها في طوفان الارض لكنه يعود منكسرا..


النظرة الساخطة المؤيدة بتقييمه وادراكه من اعلى سلطة الى اقل فرد فقد انتقد كل طبقات المجتمع بقوله – الكثير من الاصحاب والرفقاء والندماء بالنقود والسلطة فيصبح هدفاً ومرمى وغاية وكلامه عسلا مصفى وشعرا مقفى وموبقاته محاسن ومحارمه حلالا واستبداده عدلا ودكتاتوريته ديمقراطية – اعلام العرافين المتهمين بالميسر والقمار قد تحول الى حلال بعد ان كان في عهد السلف من المحرمات بفضل (؟) العرافين كل شيء يعرفونه بمستقبل غيرهم ولكنهم يجهلون مستقبلهم فالوزراء هم ايضا من العرافين .


ينحدر بوراوي واصفاً نفسه انا لست الا ذبابة في زجاجة قهوة تنغص راحة بعض المستكرشين الذين لايقرأون الكتب كما يقول شيوخ هذا البلد (الذباب لا تقتل ولكنها تعكر الصفو وتقلق الراحة) هكذا يرى نفسه في خضم معالجته اليائسة في مجتمع تحكمه قراصنة السياسة .


لم يتوقف عند هذا بل وقف عند نتنياهو , باراك اوباما, شارون على موقفهم المعادي للسلام مقرعاً بشكل ساخر (فأننا سنتخذ موقفاً حازماً الا هو الصبر والانتظار) كان يريد ان يقول ان الظلم الصادر عن هؤلاء هو الموقف الحازم الذي يتخذه العرب جراء ذلك متوجهاً الى العرب(ما فتأ العرب يدعمون اخوانهم الامريكان الذين ما فتأوا يدعمون اصدقائهم الاسرائيليين) مشيراً الى انها المؤامرة الكبرى التي هي ادهى من موضوعة الصبر الذي ما عاد لينفذ وكأن لسان حاله يقول:


تنبهوا واستفيقـــوا ايهــا العرب


                   فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب


انتقد شريحة الكتاب المدعويين الى حفل التأبين قائلاً انهم مع الدف اذا دف ومع المزمار اذا نفخ ووصفهم بعباد الاوثان المعاصرة من اصحاب الجلالة والفخامة والعظمة والشاطر من عرف من اين تؤكل الفخذ ولم يترك لغيره لا عظام ولا فتات مؤكدا ان الكاتب رسالة كبرى توكل اليه مهمة قيادة المجتمع والوقوف مع الحق ضد الباطل لا ان يكون امعات سياسية لبناء نفسه ورفع شأن الاخر بما لا يستحق ولكن بوراوي التزم ان لا يعطي اداة استثناء لاحد وهذا ما يعاب عليه .


وحين مر على المواطن البسيط واقفاً بجانبه فقال (البلاد من الشمال الى الجنوب تحب الرقص واللهو والغناء ومن يعترض يرفضه صاحب النص وعليه دفن نفسه واقسم ان البلاد لا تحزن عليه ولا تنعيه اي صحيفة او اذاعة او قناة تلفزية وما يريده هو بيان ابشع صور الانتهاك لحقوق الانسان البسيط).


المحاماة جاء بهم واقفا بجانب المواطن بالقول (يدفعون ثمن جهلهم مبالغ طائلة )


القناة التلفزية :غنية عن الافتتاح بالقران الكريم والتذكير بالصلوات الخمس ومافائدة ذلك اذا كانت تتخللها برامج منافية للحياء..وغيرهم فساق القوم الذين تركوا كتاب الله وراء ظهورهم وعبدوا الاوثان من رموز الثقافة تجده هنا في موقف يدافع به عن سلطة الله وكتابه عز وجل .


كما وضع وصية مفادها من يحسن الظن بهذا النص مثل الذي يحسن الظن بالشيطان او بامريكا ومصيره معروف ولا فائدة من التكرار والتكرير وما اراد بذلك الا مفسدة السلطة وافسادها 


واضاف وصيته الكبيرة الواضحة (من يحسن الظن بهذا النص كم يحسن الظن بالشيطان او بامريكا ومصيره معروف ولافائدة من التكرار والتكرير)


وان نقمته الشديدة عند جريمة الرشوة ووصمها انها من صفا ت السلطة


وان الموظفون كقطيع الانعام المستهدفين من قبل التعليمات


كماو صف صاحب النص قائلا قد يصبح على دين محمد ويظهر على موسى ويعصي دين عيسى وهو في الحقيقة لادين له فمذهبه المصلحة الخصوصية والانتهازية المفرطة…


دافع عن موقف المرأة (الرجل المناسب في المكان المناسب سوى المرأة


سمح لنفسه ان يقول ان التشريعات والقوانين الواردة ويقصد في القران الكريم كانت صالحة لزمن نزولها وعلينا ان نطور مفهومها بخلق تشريعات مخالفة ومع ذلك نبقى مسلمين بالوراثة..


ولعل مروره كان واضحا على مدعي النفاق الوطني من خلال (ان سلاح العاجز المستبد سوى ارتداء زي التظاهر الوطني بالفضيلة وباسلوب ساخر يختم "البلاد عامرة باصحاب النصوص والرؤوس والفؤوس ..ولعل ذلك قمة التخريب؟؟)


استخدم الرمزية في حديثه عن حزب الديك على ان كاتب النص يلقى التشجيع من ابليس وعند الانخراط فيه لايدفع شيء سوى خمر ونساء ومجون مؤكدا عليك ان تفعل كل الموبقات بل ذهب الى اكثر من ذلك مؤكدا ان صاحب النص خصيته من النحاس وعجيزته كبيرة يفكر بالفرنسية ويكتب بالعربية وتلك مسالة ولاءات واجندات قد ادت بالبلد الى شفا خطر محدق...


وتناول المثقف هو اخر من يقاوم واول من ينكسر مادام متقلبا مع الرياح باحثا لاهثا وراء الشهرة واخذ من السلطة خارج السلطة أي يشترك بالقرارات والمكانة وهو ليس جزءا من منظومتها وهذا فساد آخر ويستانف والمثقفون كغيرهم ينتظرون من سيقوم بعملية التغيير بالنيابة عنهم وليست لهم أي مبادرة غير الكلام خلف الكواليس المظلمة ويجيب باسف(وهل يتغير العالم بالكلام والإبداع ،إبداع على الورق)


ومن شدة اوجاعه يعود ليت الاستعمار يعود لنخبره بما فعل الاستقلال انها شطحة من سخرياته الكثيرة التي تستجلب البكاء المر


لم يغادر التعليم اذ تناول المدارس (الطالب ياتي الجعة في الحصة التدريبية والمدرس له عشيقة تقدم له الهدايا بقبلة او (؟)


لاداعي لتسمية الاشياء باسمائها كالسياسة الامريكية تعرض بعض الاصطلاحات الجديدة(التعسف الفلسطيني – ارهاب الماومة –تطبيق قرارات ذات الصلة –ضبط النفس- رفض الجماعة الدولية لقادة الشعب الفلسطيني – تطبيق العقوبات الذكية او الغبية في العراق-يلتزم العرب بهذه المصطلحات لانها تضمن لهم الجنة وتقيهم نار جهنم ولا اظنهم ناجين منها..


ويختم بالسلطة اذ يقول لوتعرض البلد للغزو لوجدتهم غادروا البلاد في اول طائرة تنقل السياح الاجانب لاوربا وامريكا اللاتينية وهذا بمثابة تنبؤ له وهذا ماحصل فعلا....ومن جميل ماقال(كم من جاهل ينفعه جهله وعالم اهلكه علمه )و(السياسة تعني فن اتقان الكذب والتلاعب )


لخص الخاتمة


الشكر ربعه او نصفه او ثلثيه الى كل من هاجر الصوم والصلاة واتبع طريق الشيطان وجنب البلاد من تهمة الارهاب والارهابية ووقاها عطب الشيطان الاكبر الولايات المتحدة الامريكية ووليها دولة الشتات العنكبوتية


 وبرغم كل المنغصاتر التي تحف البلاد فهو مستمر في تثوير المجتمع على الواقع لخلق الإنسان الجديد...


 ويبقى الاديب بوراوي سعيدانه مسلة يشار لها بغضبة الانسان الحقيقي والنضوج الفكري الذي لايحابي منطلقا بمفردات بليغة ساخرة وبنظرة شمولية ومتشائمة بالوقت ذاته..


عامر الفرحان/العراق 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة بعنوان شييطان الشعر**بقلم الاستاذ عماد صابوني وشارك بالردود الاساتذة ثريا العبيدي **ندى الروح**اميرة الحياة**ليلى الجلالي

سلام على تلك العيون… بقلم الشاعر اسماعيل هريدي

قصيدة //اين انتم يا عرب ؟؟؟؟؟ااالشاعر عبد النور اوشام محمد كوبا

عتبي عليك يا زمن ...بقلم... علي حسن

خبز التنور // بقلم الكاتب والشاعرمصطفى مزريب.أبوبسام جبلة.سورية

قصيدة من الزجل الروحي: بشائر النصر.** بقلم**الحسن العبد بن محمد الحياني

اضناني الشوق ........بقلم الشاعرة فاطمة الفاهوم

چلمه.. چلمه... بقلم الشاعر...علي الخليفاوي

حوار مع العراف/// الشاعر /// السيد سعيد سالم

أُحبك ///بقلم الشاعرة///بقلم امل ابو سل