القباب البعيدة # الشاعر عيد هاشم الخطاري


قَصيدة / القِبابُ البَعيدَةُ


ضَاقَتْ دُرُوبُ الصَّبرِ حَتَّي خِلْتُهَا

جُحرًا لِضَبٍّ يَحتَوِي بُنْيَانِي


وَرَضِيتُ أَنِّي بِالحَياةِ مُعَذَّبٌ  

وَنَسِيتُ كَونِي جِيفَةَ الإنْسَانِ


وَرَحَلْتُ حَتَّي للقِبَابِ كَأنَّنِي

كَالعَاشِقِ المَجْذُوبِ كَالوَلْهَانِ

 

وَتَشُدُّنِي نَظَرَاتُ عَينِ نَدِيَةٍ

هِي كَالسِّهَامِ تُطِيحُ بِالفُرسَانِ


فَأُصِبْتُ بِالقَلْبِ الشِّقِيِّ مُرَارَةٌ

هِي كَالنَّبِيذِ ، وَ سَكْرَةِ السَّكْرَانِ


مَتَي أَسْتَفِيقُ مِنَ المَهَالِكِ جُلَّهَا

يَا قَلبُ إنِّي لُذْتُ بِالرَّحمَنِ


بِالصَّبرِ يَشْقَي كُلُّ مَكْلُومٍ هَوَي

وَالبُعدِ يَفْتكُ لَوْعَةَ التِّحنَانِ


فَإذِا عَزَمْتَ فَأنتَ خَيرُ عَطِيِّةٍ

أَقْسَمَتُ بِالأنْفَالِ وَ الفَرقَانِ 


وَبِكُلِ آياتٍ بِلَيلِ قَرَأَتُهَا

وَبِكُلِ حَرفٍ كَانَ فِي القُرآنِ 

 

إنِّي أُحِبُّكَ وَ السَّمُاءُ كَوَاكِبٌ

وَ اللَّيلُ أَسْهرُ قَارِئًا فِنْجَانِي


وَغَرَسْتُ فِي كُلِّ البِقَاعِ نَخِيلَنَا

لَكِنَّها أَرضُ كَمَا القِيعَانِ


لَا تُنْبِتُ الكَلَأَ المُخَضَّبَ لَوْنُهُ 

أبياتُ شِعرٍ عَزْفُهَا إِيْمَانِي


وَالسَّيدُ القَمَرِيُّ فِي صَدرِي فتي 

يَمْشِي كَمَا الطَاوُوس فِي البُلدَانِ 


مَحمُودُ كُلَّ السَّاكِنِينَ بِدَربِهِمْ

وَالشِّعرُ مَذْمُومٌ كَمَا الأشْجَانِ


وَإذَا الخَلِيلُ بِأَرضِ طَهَ قَد بَنَي

للِه بَيتًا كَامِلَ الأَركَانِ 


كُونِي رَقُيةَ مَثْلَ أَطيَافِ الهَوَي 

كُونِي نَسِيمًا هَبَّ لِلجِيرَانِ


فَمَنَالُنُا أنْ نَحتَسِي كَأسَ الهَوَي 

كَتَجَرُّعِ الأَشْوَاقِ لِلظَّمْآنِ 


وِلِعَمْرِنَا صَارَتْ حَيَاتِي هَدِيةً

وَكَذَا الحَظَائِرُ تُربَةَ الأَطيَانِ  


وَرَنَا بِعَينَيهِ الجَمَالَ وَ حُسْنَهَ

نُورَ الطَّرِيقِ وَ شَمْعَةَ الحَيرَانِ


إِنَّ العُيُونَ إِذَا ذَكَرَتَ قَبَابَهُمْ

رَقَصَتْ حَمَائِمُهُمْ عَلَي الأَغْصَانِ


فِإذَا نَظَرتَ إِلَي جَمَالِ كَبِيرِهُمْ

فَالشَّيبُ يَعلَو أَرؤُسَ الغِلْمَانِ 


مِنْ بُعدِ أَمْيَالٍ تَشُمُّ عَبِيرَهَا

عِطرًا يَفُوحُ بِزَهْرِةِ الرَّيحَانِ 


وِإذَا تَبَسَّمَ ثَغْرُهَا فَكَأَنَّهَا 

شَئٌ مِنْ اليَاقُوتِ وَ المَرجَانِ 


هِي رِيشُةٌ مِثْلَ النَّعَامَةِ ثُقْلَهَا 

وَلَئِنْ رَأَيتَ ثَقَيلَةَ الأَوْزَانِ


هِي مِثْلُ عُصفُورٍ تَغَنَّي أَيْكَهُ

مَا أعذَبَ التَّغْرِيدَ بِالأَلْحَانِ 


فَتَرَفَّقِي بِالقَلْبِ نَائِحِةَ الهَوَي

يَا وَيلَهُ قَد بَاءَ بَالخُذْلَانِ


مِنْ حُسْنِ عَينَيهَا البَعِيدَةِ مَرَّةً

خَرَّتْ لَهَا الأَجْسَادُ لِلأَذْقَانِ


هِي كَالنِّسَاءِ عَظِيمَةٌ وَ مَلِيحَةٌ

وَالقَلْبُ طَيِبُ فَاضَ بِالإيمَانِ


صَوَامَةٌ قَوَّامَةٌ وَ حَلِيلُهَا 

رَجُلٌ تَفَرَّدَ مَالَهُ مِنَ ثَانِ


أَصلُ الكَرِامَةِ وَالشَّهَامُةُ طَبْعُهَا

عَبْرَ العُصُورِ وَ طِيلَةَ الأزْمَانِ


شعر / عيد هاشم الخطَّاري

مصر _ قنا - نقادة 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الام //للشاعر مصطفى مزريب//

المرأة نصف الدنيا // الشاعر والكاتب مصطفى مزريب //

فقدان //بقلم ـ الأديب " الشاعر رضوان العصيوي

مالي أراكِ على كل الوجوه : بقلم الشاعر الذواق احمد احمد

قصيدة من الزجل الروحي: بشائر النصر.** بقلم**الحسن العبد بن محمد الحياني

حنين المحب // الشاعر محمد الحسون

عيناك ومطر يعانقني // للشاعرة قمر صابوني // لبنان // بيروت

قصيدة بعنوان((أحلام ضائعة))بقلم الأستاذ(محمد الحسون)

الشاعر مصطفى مزريب //  بمناسبة ذكرى عيد الأم //